ثورة في صناعة الرقائق: كيف تسعى EnCharge لإحداث نقلة نوعية في الذكاء الاصطناعي؟
في ظل ازدهار تقنيات الذكاء الاصطناعي والطلب المتزايد على معالجات أكثر كفاءة وأقل استهلاكًا للطاقة، أعلنت شركة EnCharge AI – وهي شركة ناشئة متخصصة في تطوير رقائق الذاكرة التناظرية – عن جمعها أكثر من 100 مليون دولار ضمن جولة تمويلية من الفئة B، بقيادة Tiger Global، بهدف تسريع عمليات البحث والتطوير وإطلاق الجيل الجديد من الرقائق الذكية.
تقليل التكاليف وتعزيز الكفاءة
في الوقت الذي تتصاعد فيه التكاليف التشغيلية لخدمات الذكاء الاصطناعي، تبرز EnCharge – التي انطلقت من جامعة برينستون – كواحدة من الشركات الرائدة التي تعِد بتغيير قواعد اللعبة. حيث تؤكد الشركة أن رقائقها التناظرية ستساعد على تسريع عمليات المعالجة الذكية، مع خفض استهلاك الطاقة والتكاليف التشغيلية بشكل ملحوظ.
ووفقًا للشركة، فإن رقائقها ستستهلك طاقة أقل بـ20 مرة مقارنة بالشرائح التقليدية، ما يجعلها مثالية للاستخدام في الأجهزة اليومية مثل الهواتف الذكية، الحواسيب المحمولة، الأجهزة القابلة للارتداء، والأنظمة المدمجة. ومن المتوقع أن يتم طرح أولى الرقائق في الأسواق بحلول نهاية هذا العام.
اهتمام حكومي واستراتيجي
تأتي هذه الجولة التمويلية في وقت تولي فيه الحكومة الأمريكية اهتمامًا خاصًا بتعزيز الابتكار في قطاع أشباه الموصلات، مما يجعل EnCharge لاعبًا محوريًا في هذا التوجه. ومن الجدير بالذكر أن هذا التمويل لا يشمل الجولة التي تم الإعلان عنها في ديسمبر 2023، حيث بدأت الشركة بالفعل بالسعي للحصول على تمويل إضافي منذ مايو الماضي، وفقًا لتقرير صادر عن بلومبرغ.
مستثمرون بارزون ودعم من عمالقة الصناعة
لم تكشف الشركة عن تقييمها الحالي، لكن مصادر أكدت أن البيانات الواردة في PitchBook حول تقييمها عند 438 مليون دولار غير دقيقة. في الوقت ذاته، انضم إلى جولة التمويل مستثمرون استراتيجيون بارزون، بما في ذلك Maverick Silicon، Capital TEN، SIP Global Partners، Zero Infinity Partners، CTBC VC، جامعة فاندربيلت، ومورغان كريك ديجيتال.
ومن بين الشركات الكبرى التي استثمرت في الجولة:
سامسونغ فينتشرز
HH-CTBC (شراكة بين Foxconn و CTBC VC)
VentureTech Alliance
In-Q-Tel (الذراع الاستثماري للحكومة الأمريكية المرتبط بـCIA)
Constellation Technology (شركة تصنيع للطاقة النظيفة)
كما حصلت الشركة على منح بحثية من جهات أمريكية مثل DARPA ووزارة الدفاع الأمريكية.
التعاون مع TSMC والتحديات التقنية
أكد الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لـEnCharge، نافين فيرما، أن الشركة تعمل عن كثب مع شركة TSMC، التي ستتولى تصنيع الرقائق الجديدة. وأوضح فيرما أن التعاون مع TSMC بدأ منذ مراحل البحث المبكرة، حيث وفرت الأخيرة الوصول إلى تقنيات متقدمة نادرًا ما تتيحها لشركات ناشئة.
الرقائق التناظرية: هل تكون بديلاً للـGPUs؟
تركز معظم الشركات الكبرى، مثل Nvidia وAMD، على تطوير معالجات رسومية (GPUs) قادرة على تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتشغيلها. لكن EnCharge تتبع نهجًا مختلفًا، مستفيدةً من ميزات الرقائق التناظرية، التي – وفقًا لدراسة حديثة من IBM – توفر تصميمًا يقلل من الفصل التقليدي بين المعالجة والذاكرة، مما يعزز الكفاءة.
رغم ذلك، فإن هذه الرقائق لا تزال أكثر ملاءمة لتشغيل النماذج الذكية (Inference) بدلًا من تدريبها، وهو تحدٍ تسعى EnCharge إلى تجاوزه عبر تطوير خوارزميات جديدة قادرة على توسيع نطاق استخداماتها.
التغلب على مشكلة الضوضاء في المعالجة التناظرية
واحدة من العقبات الرئيسية التي واجهتها رقائق المعالجة التناظرية هي التشويش الناجم عن الضوضاء، وهو تحدٍ نجحت EnCharge في التغلب عليه من خلال هندسة تصميمية مبتكرة تجعل الرقائق أقل حساسية للاضطرابات.
وأوضح فيرما أن الحل يكمن في استخدام أسلاك معدنية بتصميم هندسي دقيق داخل الشريحة، ما يسمح بمعالجة الإشارات بكفاءة دون التأثر بالضوضاء. وأضاف أن الشركة تعتمد على تصميم متكامل للبرمجيات والأجهزة، مما يمنحها ميزة تنافسية في سوق أشباه الموصلات.
منافسة في سوق مزدحم ومستقبل واعد
مع اشتداد المنافسة في قطاع الرقائق التناظرية، تواجه EnCharge تحديًا كبيرًا أمام شركات ناشئة أخرى، مثل Mythic و Sagence. ومع ذلك، يؤكد مستثمروها أن الشركة لديها ميزات تفاضلية تجعلها أكثر قدرة على مواجهة عمالقة الصناعة.
يقول جيمي كان، الشريك الاستثماري في Anzu Partners، إن شركته قامت بتحليل أكثر من 100 شركة تعمل في مجال المعالجات الذكية بين عامي 2017 و2024، وكان البحث دائمًا عن تقنية جديدة ومبتكرة يمكنها تجاوز التحسينات التدريجية التي تقدمها Nvidia وغيرها من الشركات الكبرى.
وأضاف:
“ما يثير حماسنا هو التقدم الذي تحرزه EnCharge، فهي ليست مجرد شركة ناشئة تطور منتجًا جديدًا، بل تسعى لإعادة تعريف هندسة الرقائق بالكامل.”
رحلة من البحث الأكاديمي إلى السوق التجاري
على عكس العديد من الشركات الناشئة التي تبدأ بالحصول على تمويل مبكر لمجرد طرح أفكارها، فضّلت EnCharge العمل لسنوات طويلة في البحث والتطوير داخل جامعة برينستون قبل أن تظهر إلى العلن في 2022.
يقول فيرما:
“هناك أنواع معينة من الابتكارات يمكن تمويلها بسرعة، لكن عندما يتعلق الأمر بتطوير تكنولوجيا جديدة تمامًا، فمن الضروري فهم التحديات وتقليل المخاطر قبل البحث عن التمويل.”
ويضيف:
“بمجرد أن تحصل على تمويل استثماري، يصبح التركيز على العملاء بدلاً من البحث العلمي. لهذا السبب، انتظرنا حتى كنا مستعدين فعليًا لدخول السوق.”
ختامًا: هل تحقق EnCharge وعدها؟
تبدو EnCharge في موقع قوي لتقديم تقنية قد تغير شكل صناعة الذكاء الاصطناعي. ومع دعم مستثمرين كبار وعملها مع TSMC، فإن فرص نجاحها تبدو واعدة، لكن التحدي الحقيقي يكمن في قدرتها على إثبات كفاءة رقائقها في السوق الفعلي، في وقت تتسابق فيه الشركات الكبرى لتعزيز قدراتها التكنولوجية.