مقدمة: ورقة علمية بتوقيع الذكاء الاصطناعي؟
بخطوة أثارت ضجة في أوساط البحث العلمي، أعلنت شركة ساكانا اليابانية الناشئة أنها نجحت في تقديم ورقة بحثية مولّدة بالكامل عبر الذكاء الاصطناعي، وتم قبولها مبدئيًا في ورشة ضمن مؤتمر ICLR، أحد أبرز المؤتمرات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي. لكن القصة تحمل الكثير من التفاصيل الدقيقة التي تُغير من حجم هذا الإنجاز.
كيف تم توليد الورقة؟
وفقًا لتصريحات روبرت لانغ، الباحث المؤسس في ساكانا، فقد تم استخدام نظام The AI Scientist-v2 الذي تولّى المهام التالية:
- توليد الفرضيات العلمية
- تصميم التجارب
- إنتاج الكود البرمجي الخاص بالتجارب
- تحليل البيانات
- إنشاء الرسوم التوضيحية
- كتابة النصوص والعناوين بالكامل
تم إرسال الأوراق للمراجعة عبر نظام مراجعة مزدوج التعمية، حيث لا يعرف المراجع هوية المؤلف، والعكس صحيح، وذلك بالتعاون مع باحثين من جامعتي أوكسفورد وبريتيش كولومبيا.
ما الذي حدث بعد ذلك؟
من بين ثلاث أوراق بحثية تم تقديمها:
✅ ورقة واحدة تم قبولها مبدئيًا، حيث ناقشت نقدًا لبعض أساليب تدريب الشبكات العصبية.
❌ لكن ساكانا سحبت الورقة فور قبولها، احترامًا لأعراف مؤتمر ICLR وحرصًا على الشفافية، مؤكدة أن الغرض من التجربة كان اختباريًا بحتًا.
🔍 الورقة تحتوي على أفكار واعدة ولكن لا تزال هناك تحديات تجريبية يجب تجاوزها، حسب قول لانغ.
ما الذي يكشفه هذا القبول؟
رغم أن القبول يبدو للوهلة الأولى إنجازًا تقنيًا، إلا أن تفاصيل العملية تكشف عن بعض المحاذير:
- الورقة لم تخضع للمرحلة الثانية من المراجعة (meta-review)، والتي غالبًا ما تكون أكثر صرامة.
- ساكانا اعترفت بوجود أخطاء في الاقتباسات، مثل الإشارة إلى ورقة علمية من 2016 بدلًا من المصدر الحقيقي المنشور في 1997.
- الشركة أوضحت أن الأوراق لم تكن مؤهلة للنشر ضمن المسار الرئيسي للمؤتمر، والذي يتمتع بمعايير قبول أعلى مقارنة بالورش.
ردود فعل المجتمع العلمي
الباحث ماثيو غوزديال من جامعة ألبرتا قال إن النتائج مضللة، مشيرًا إلى أن:
البشر هم من اختاروا الأوراق الأفضل من بين مجموعة، وهذا يعني أن الذكاء الاصطناعي لم يعمل وحده.
من جهته، رأى الباحث مايك كوك من جامعة كينجز كوليدج لندن أن:
الذكاء الاصطناعي بارع في كتابة النصوص البشرية الشكل، لكن هذا لا يعني أنه ينتج معرفة علمية حقيقية.
كما أشار إلى أن نوع الورشة (التي تركز على النتائج السلبية والتحديات) جعل من الأسهل قبول مثل هذه الأوراق مقارنة بالمجالات الأخرى.
هل الذكاء الاصطناعي مستعد حقًا ليكون عالِمًا مشاركًا؟
رغم الجدل، تؤكد ساكانا أنها لا تدّعي أن نظامها قد أحدث ثورة علمية، بل الهدف كان اختبار مدى جودة إنتاج الذكاء الاصطناعي للبحوث العلمية، وفتح النقاش حول وضع معايير تحكم هذا النوع من المحتوى العلمي المولّد آليًا.
يجب أن نحدد ما إذا كان ينبغي تقييم الأبحاث الناتجة عن الذكاء الاصطناعي بشكل مستقل عن مصدرها لتفادي التحيز، ولكن دون السماح بانحدار جودة المراجعة العلمية، بحسب بيان ساكانا.