شهد مؤتمر الجوال العالمي (MWC 2025) مواجهتين فكريتين متناقضتين حول تأثير الذكاء الاصطناعي على البشرية. فمن جهة، رسم راي كورزويل، الباحث في جوجل وأحد أبرز الداعمين لفكرة التفرد التكنولوجي، صورة متفائلة لمستقبل الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أنه سيعزز قدرات البشر وربما يطيل عمرهم. وعلى النقيض، أطلق سكوت جالاوي، الكاتب والمستثمر في التكنولوجيا، تحذيرات صارخة من التأثيرات السلبية للذكاء الاصطناعي على المجتمعات، لا سيما فيما يتعلق بتفاقم العزلة الاجتماعية وتعزيز الاستقطاب السياسي.
راي كورزويل: الذكاء الاصطناعي سيغير كل شيء دفعة واحدة
في مداخلة عبر الفيديو، ظهر راي كورزويل مرتديًا قميصًا أبيض بحمالات ملونة زاهية، حيث استعرض رؤيته المتفائلة حول الذكاء الاصطناعي. وأشار إلى أن التقنية ليست مجرد أداة، بل ستحدث تحولًا شاملًا في جميع مجالات الحياة، بدءًا من الرعاية الصحية وصولًا إلى الطاقة المتجددة.
وأكد كورزويل أن التصميمات المحسّنة بالذكاء الاصطناعي تسرّع تطور تقنيات الطاقة الشمسية، متوقعًا أن تصبح الطاقة المتجددة هي المهيمنة خلال عقد من الزمن. وأضاف أن الذكاء الاصطناعي سيسهم في تحقيق قفزات هائلة في عمر الإنسان، وربما ليس إلى حد الخلود، لكنه بالتأكيد سيمكّن البشر من العيش لفترة أطول بصحة أفضل.
سكوت جالاوي: خوارزميات الغضب تدمر جيلًا بأكمله
على الجانب الآخر، حملت مداخلة سكوت جالاوي تحذيرات قوية من تأثير الذكاء الاصطناعي على المجتمع، مؤكدًا أن الخوارزميات المصممة لزيادة التفاعل عبر الإنترنت تستغل مشاعر الغضب والاستقطاب، مما أدى إلى تدمير جيل كامل من الشباب، خاصة الذكور.
وذكر جالاوي أن المنصات الرقمية المدعومة بـ الذكاء الاصطناعي أصبحت أدوات تضخيم الغضب ، ما يعزز العزلة الاجتماعية ويغذي أزمة الوحدة الوطنية في الولايات المتحدة. وأضاف أن هذه المنصات لا تكتفي بذلك، بل تستفيد ماليًا من الاستقطاب السياسي والتوترات الاجتماعية.
انتقادات لاذعة للمليارديرات وقيادات التكنولوجيا
لم تتوقف انتقادات جالاوي عند تأثير الذكاء الاصطناعي على المجتمع، بل امتدت إلى قادة شركات التكنولوجيا، متهمًا إياهم بالجبن في مواجهة التحديات السياسية. وهاجم بشدة مجموعة من أبرز مليارديرات وادي السيليكون، بمن فيهم إيلون ماسك، سام ألتمان، جيف بيزوس، وتيم كوك، لعدم اتخاذهم موقفًا واضحًا ضد السياسات الحكومية التي يرى أنها تقوض الديمقراطية.
وقال جالاوي ساخرًا: “لم نكن يومًا بهذه القوة… ومع ذلك، نحن نكره بعضنا البعض!”، مشيرًا إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي ليست مجرد أدوات محايدة، بل أصبحت تلعب دورًا خطيرًا في تشكيل الرأي العام وتوجيه السلوك البشري.
خلاصة: الذكاء الاصطناعي بين الوعود والمخاوف
يجسد الجدل الدائر في MWC 2025 الانقسام العميق حول مستقبل الذكاء الاصطناعي. فبينما يرى البعض فيه وسيلة لتمكين البشرية وتحقيق تقدم غير مسبوق، يحذر آخرون من تداعياته الاجتماعية والسياسية، خاصة عندما يُستخدم كأداة لاستغلال المشاعر البشرية.
ويبقى السؤال: هل سنتمكن من توجيه تطور الذكاء الاصطناعي نحو مستقبل إيجابي، أم أنه سيظل سلاحًا ذو حدين يهدد التوازن المجتمعي؟
