في خطوة غير معلنة، قامت شركة أنثروبيك بإزالة عدد من الالتزامات الطوعية التي تعهدت بها بالتعاون مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عام 2023 لتعزيز تطوير ذكاء اصطناعي آمن وموثوق.
إزالة التزامات سابقة دون إعلان رسمي
وفقًا لما كشفته مجموعة مراقبة الذكاء الاصطناعي ذا ميداس بروجكت ، فقد قامت أنثروبيك بحذف هذه الالتزامات من صفحة الشفافية الخاصة بها الأسبوع الماضي. تضمنت هذه الالتزامات تعهدات بمشاركة المعلومات حول إدارة مخاطر الذكاء الاصطناعي مع الجهات الحكومية والصناعية، بالإضافة إلى البحث في قضايا التحيز والتمييز في تقنيات الذكاء الاصطناعي.
مع ذلك، لا تزال بعض الالتزامات الأخرى المرتبطة بمكافحة الاعتداءات الجنسية المصطنعة بواسطة الذكاء الاصطناعي، مثل التعهد بمكافحة الصور المزيفة، قائمة على الموقع.
لا تعليق رسمي من أنثروبيك
لم تُصدر أنثروبيك أي إشعار رسمي بشأن هذا التغيير، كما أنها لم ترد فورًا على طلب التعليق.
جدير بالذكر أن أنثروبيك، إلى جانب شركات كبرى مثل أوبن إيه آي، جوجل، مايكروسوفت، ميتا وإنفليكشن، قد أعلنت في يوليو 2023 عن التزامها بالامتثال لمجموعة من معايير السلامة الطوعية التي اقترحتها إدارة بايدن، والتي شملت:
إجراء اختبارات أمان داخلية وخارجية على أنظمة الذكاء الاصطناعي قبل إطلاقها.
الاستثمار في الأمن السيبراني لحماية البيانات الحساسة للذكاء الاصطناعي.
تطوير تقنيات لتحديد المحتوى المُنتَج بواسطة الذكاء الاصطناعي مثل العلامات المائية الرقمية.
هل تغيرت سياسات أنثروبيك تحت إدارة ترامب؟
على الرغم من أن هذه الالتزامات لم تكن قانونية مُلزِمة، إلا أن إدارة بايدن كانت تهدف من خلالها إلى تحديد أولويات السياسة الأمريكية في الذكاء الاصطناعي، خصوصًا قبل إصدار الأمر التنفيذي للذكاء الاصطناعي، الذي دخل حيز التنفيذ بعد ذلك بعدة أشهر.
لكن مع تولي الرئيس دونالد ترامب السلطة، أصبح النهج الحكومي تجاه إدارة الذكاء الاصطناعي مختلفًا تمامًا.
ففي يناير 2025، ألغى ترامب الأمر التنفيذي السابق لبايدن، والذي كان يفرض على المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا (NIST) تقديم إرشادات حول اكتشاف وتصحيح العيوب في نماذج الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك التحيزات. واعتبر المعارضون لهذا القرار أن هذه المتطلبات كانت مثقلة للشركات وتجبرها على الكشف عن أسرارها التجارية.
وبدلاً من ذلك، أصدر ترامب أمرًا جديدًا يوجه الوكالات الفيدرالية إلى تعزيز تطوير الذكاء الاصطناعي بعيدًا عن التحيز الأيديولوجي مع التركيز على الازدهار البشري، التنافسية الاقتصادية، والأمن القومي. لكن اللافت أن هذا القرار لم يتطرق إلى مسألة مكافحة التمييز في الذكاء الاصطناعي، والتي كانت حجر الزاوية في سياسات بايدن.
تغييرات أخرى في سياسة شركات الذكاء الاصطناعي
تشير تقارير ذا ميداس بروجكت إلى أن التزامات الشركات بالمعايير السابقة لم تكن محدودة بفترة زمنية معينة أو مرتبطة بحزب سياسي معين. بل إنه بعد الانتخابات، أكدت العديد من الشركات الكبرى أن التزاماتها لم تتغير.
لكن الواقع يشير إلى عكس ذلك، حيث لم تكن أنثروبيك الشركة الوحيدة التي قامت بتعديل سياساتها العلنية منذ تولي ترامب الرئاسة.
فعلى سبيل المثال، أعلنت أوبن إيه آي مؤخرًا عن تبني سياسة جديدة تدعو إلى حرية الفكر في الذكاء الاصطناعي، حتى في القضايا المثيرة للجدل، مؤكدة أنها ستعمل على ضمان أنأنظمتها لا تفرض رقابة على وجهات نظر معينة.
كما قامت أوبن إيه آي أيضًا بحذف صفحة من موقعها كانت تُبرز التزامها بـ برامج التنوع والمساواة والشمول (DEI)، وهي سياسات تعرضت لهجوم من إدارة ترامب، ما دفع العديد من الشركات إلى إعادة النظر أو تقليص برامجها في هذا المجال.
التأثير السياسي على صناعة الذكاء الاصطناعي
يبدو أن تأثير إدارة ترامب على شركات التكنولوجيا الكبرى أصبح واضحًا، حيث يرى مستشارو ترامب في وادي السيليكون، بمن فيهم مارك أندريسن، ديفيد ساكس، وإيلون ماسك، أن بعض الشركات مثل جوجل وأوبن إيه آي مارست الرقابة على الذكاء الاصطناعي عبر الحد من بعض الإجابات التي تقدمها نماذجها الذكية.
ورغم نفي بعض المختبرات البحثية مثل أوبن إيه آي أن تكون هذه التغييرات استجابة لضغوط سياسية، إلا أن الحقيقة هي أن هذه الشركات تعتمد على عقود حكومية ضخمة، ما يجعل سياساتها دائمًا عرضة للتغيير وفقًا للاتجاه السياسي السائد.
أنثروبيك ترد رسميًا بعد نشر التقرير
بعد ساعات من نشر هذا التقرير، أرسلت أنثروبيك بيانًا رسميًا إلى تك كرانش جاء فيه:
ما زلنا ملتزمين بالالتزامات الطوعية للذكاء الاصطناعي التي تم وضعها خلال إدارة بايدن. يستمر هذا التقدم في الظهور في مركز الشفافية الخاص بنا. ولتجنب أي لبس، سنضيف قسمًا جديدًا يوضح بشكل مباشر كيفية توافق تقدمنا مع هذه الالتزامات.
